--------------------------------------------------------------------------------
{ يا أيها الإنسان ما غـَرّك بربك الكريم * الذي خلقـك فسوّاك فعَدَلك * في أيّ صورة ما شاء ركـّبَـك ... الإنفطار : 6ــ 8 } .
قال المفسّرون رحمهم الله :
يا أيها الإنسان ما غـرّك بربك الكريم .
أي : أيّ شيء خـدعك بربك الحليم الكريم ، حتى عصيته وتجـرأت على مخالفة أمره ، مع إحسانه إليك وعطفه عليك ؟
وهذا توبيخ وعتاب ، كأنه قال سبحانه كيف قابلت إحسان ربك بالعصيان ورأفته بالتمرد والطغيان .
قـــال عمر بن الخطاب رضي الله عنه لما سمع هذه الآية : غـَرّه حُـمْـقـه وجهله .
الذي خلقـك فـسَـوّاك .
أي : الذي أوجدك من العَـدم فجعلك سويّـًا سالم الأعضاء تسمع وتعقـل وتـُبْـصِـر .
فـعَـدَلـك .
أي : جعلك معتدل القامة منتصبا في أحسن الهيئات والأشكال .
في أي صورة ما شاء ركـّـبَـك .
أي : خلقـك في أي صورة شاءها واختارها لك من الصور الحسنة العجيبة ، ولم يجعلك في الشكل كالبهيمة كقوله تعالى { لقد خلقـنا الإنسان في أحسن تقويم } .
*************************
عَـلـّـق الشيخ محمد علي الصابوني حفظه الله على هذه الآيات تعليق جميل فقال :
اختار الله للإنسان صورة حسنة جميلة ، ولو شاء سبحانه لجعـله في صورة كالقرد أو الخنزير أو كأي بهيمة من البهائم ، ولكن بفضله ونعمته على الإنسان جعله في أحسن وأجمل صورة ، قامته معتدله ، أعضاءه متناسبة لا تفاوت بينها ولا تناقض ، فـتخيّـل الإنسان إحدى عينيه أوسع وأضخم من الأخرى ، أو إحدى رجليه أطول من الأخرى ، أو إحدى أذنيه تشبه أذن الأرنب والأخرى تشبه أذن الفيل ، فكيف سيكون منظر الإنسان ، وهذا الإتقان والإبداع دليل على وحدانيّة الخالق جَـلّ وعـلا { صُـنـْعَ الله الذي أتـقـن كل شيء } .
{ و إن تـعُـدّوا نعـمة الله لا تـحـصـوهـا إن الإنسان لـظـلـوم كـفـّـار }